الأحد، 26 فبراير 2012

قصيدة أبو البقاء الرندي في رثاء الأندلس

لــــكـــــل شـــــــــيءٍ إذا مـــــــــا تـــــــــم نـــقـــصــــانُفـــــــلا يُـــغــــرُّ بــطـــيـــب الــعـــيـــش إنــــســــانُ
هـــــــــي الأمـــــــــورُ كــــمـــــا شــاهــدتـــهـــا دُولٌمَــــــــــن سَـــــــــــرَّهُ زَمـــــــــــنٌ ســـــاءَتــــــهُ أزمـــــــــــانُ
وهــــــــذه الــــــــدار لا تُــبـــقـــي عــــلــــى أحــــــــدولا يـــــــــدوم عــــلـــــى حـــــــــالٍ لـــــهـــــا شــــــــــان
يُــــمــــزق الــــدهــــر حــتـــمًـــا كـــــــــل ســـابـــغـــةٍإذا نـــــــبـــــــت مـــشْــــرفــــيّــــاتٌ وخُـــــــرصــــــــانُ
ويـنـتــضــي كـــــــلّ ســـيــــف لـلــفــنــاء ولـــــــوْكـــــان ابـــــنَ ذي يـــــزَن والـغــمــدَ غُــمـــدان
أيـــن الـمـلـوك ذَوو الـتـيـجـان مــــن يــمــنٍوأيـــــــــــن مــــنــــهــــم أكــــالــــيــــلٌ وتــــيــــجــــانُ ؟
وأيــــــــــن مـــــــــــا شـــــــــــاده شـــــــــــدَّادُ فـــــــــــي إرمٍوأيـن مـا ساسـه فـي الـفـرس سـاسـانُ ؟
وأيــــــن مــــــا حــــــازه قــــــارون مــــــن ذهــــــبوأيـــــــــــن عــــــــــــادٌ وشــــــــــــدادٌ وقــــحــــطــــانُ ؟
أتــــــى عـــلـــى الـــكُـــل أمــــــر لا مَــــــرد لـــــــهحــتـــى قَــضَـــوا فــكـــأن الــقـــوم مـــــا كــانـــوا
وصــار مــا كــان مــن مُـلـك ومـــن مَـلِــككمـا حكـى عـن خيـال الطّيـفِ وسْنـانُ
دارَ الــــــزّمــــــانُ عــــــلـــــــى (دارا) وقــــاتِــــلِـــــهوأمَّ كــــــــــســـــــــــرى فـــــــــــمـــــــــــا آواه إيــــــــــــــــــــــوانُ
كـأنـمـا الـصَّـعـب لـــم يـسْـهُــل لــــه ســبــبُيــــــومًـــــــا ولا مَــــــلـــــــكَ الــــدُنــــيـــــا سُـــلـــيـــمــــانُ
فــــجـــــائـــــعُ الـــــــدهـــــــر أنــــــــــــــواعٌ مُــــنـــــوَّعـــــةولـــــــلــــــــزمــــــــان مـــــــــــســــــــــــرّاتٌ وأحــــــــــــــــــــــــزانُ
ولـــــــلـــــــحـــــــوادث سُـــــــــــلـــــــــــوان يــــســــهــــلـــــهـــــاومـــــــــا لــــمـــــا حـــــــــلّ بــــالإســـــلام سُـــــلـــــوانُ
دهــــــــى الــجـــزيـــرة أمــــــــرٌ لا عـــــــــزاءَ لـــــــــههــــــــــــوى لــــــــــــه أُحــــــــــــدٌ وانــــــهــــــدْ ثــــــهــــــلانُ
أصابـهـا العـيـنُ فـــي الإســـلام فـارتــزأتْحـــتــــى خَـــلــــت مـــنــــه أقــــطــــارٌ وبُــــلــــدانُ
فـاســأل (بلنـسـيـةً) مــــا شــــأنُ (مُـرسـيــةً)وأيـــــــــنَ (شـــاطـــبـــةٌ) أمْ أيـــــــــنَ (جَــــيَّـــــانُ)
وأيــــــــن (قُــرطـــبـــة)ٌ دارُ الــعـــلـــوم فــــكــــممـــــن عــالـــمٍ قـــــد ســمـــا فــيــهــا لــــــه شــــــانُ
وأيـن (حْمـص)ُ ومــا تحـويـه مــن نــزهٍونـــهــــرهُــــا الـــــعَــــــذبُ فـــــيــــــاضٌ ومـــــــــــلآنُ
قـــــواعـــــدٌ كـــــــــــنَّ أركـــــــــــانَ الـــــبــــــلاد فـــــمــــــاعـــســــى الــبــقـــاءُ إذا لـــــــم تـــبــــقَ أركــــــــانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من ! ;أسفٍكــــمــــا بــــكــــى لــــفــــراق الإلـــــــــفِ هـــيـــمـــانُ
عــــلــــى ديــــــــار مــــــــن الإســـــــــلام خـــالـــيـــةقــــــــد أقــــفــــرت ولــــهـــــا بــالــكــفـــر عُــــمـــــرانُ
حيث المساجد قد صـارت كنائـسَ مـافــــــيــــــهــــــنَّ إلا نــــــواقــــــيـــــــسٌ وصُــــــلــــــبـــــــانُ
حـتــى المـحـاريـبُ تـبـكـي وهـــي جــامــدةٌحــتـــى الـمـنــابــرُ تـــرثـــي وهــــــي عـــيـــدانُ
يــــا غــافـــلاً ولـــــه فـــــي الــدهـــرِ مـوعــظــةٌإن كــنــت فـــــي سِــنَـــةٍ فـالــدهــرُ يـقــظــانُ
ومــــاشـــــيًـــــا مـــــــرحًـــــــا يـــلـــهــــيــــه مــــوطـــــنـــــهُأبــعــد حــمـــصٍ تَــغـــرُّ الــمـــرءَ أوطـــــانُ ؟
تـــلـــك الـمـصـيــبــةُ أنـــســــتْ مـــــــا تـقــدمــهــاومـــــا لــهـــا مـــــع طـــــولَ الــدهـــرِ نــســيــانُ
يـــــــا راكــبــيـــن عـــتــــاق الــخــيـــلِ ضــــامــــرةًكــأنــهـــا فـــــــي مـــجــــال الــســـبـــقِ عــقـــبـــانُ
وحــامـــلـــيـــن ســـــيُــــــوفَ الـــهــــنــــدِ مـــرهــــفــــةُكـــأنـــهــــا فــــــــــي ظــــــــــلام الـــنــــقــــع نـــــيــــــرانُ
وراتـــعــــيــــن وراء الـــبــــحــــر فـــــــــــي دعــــــــــــةٍلــــــهـــــــم بـــأوطـــانـــهــــم عـــــــــــــزٌّ وســــلـــــطـــــانُ
أعـــنـــدكــــم نـــــبـــــأ مــــــــــن أهــــــــــل أنـــــدلــــــسٍفــقـــد ســـــرى بـحــديــثِ الــقـــومِ رُكـــبـــانُ ؟
كــم يستغـيـث بـنــا المستضـعـفـون وهـــمقــتــلــى وأســــــرى فـــمـــا يــهــتــز إنـــســــان ؟
مــــــاذا الـتـقــاُطــع فــــــي الإســـــــلام بـيــنــكــمُوأنـــــــتـــــــمْ يــــــــــــــا عـــــــبـــــــادَ الله إخــــــــــــــوانُ ؟
ألا نــــــــفــــــــوسٌ أبَّــــــــــــــــاتٌ لــــــــهـــــــــا هــــــــمـــــــــمٌأمــــــا عـــلـــى الــخــيــرِ أنـــصــــارٌ وأعـــــــوانُ
يـــــــــا مــــــــــن لـــــذلـــــةِ قــــــــــومٍ بـــــعـــــدَ عـــــزِّهـــــمُأحــــــــــــــال حــــالـــــهـــــمْ جــــــــــــــورُ وطُــــغـــــيـــــانُ
بــالأمـــس كـــانـــوا مــلــوكًــا فــــــي مـنـازلــهــموالــيــومَ هــــم فــــي بــــلاد الـكــفــرِّ عُــبـــدانُ
فــــلــــو تــــراهــــم حــــيــــارى لا دلــــيــــل لــــهــــمْعــلــيـــهـــمُ مــــــــــن ثـــــيـــــابِ الــــــــــذلِ ألــــــــــوانُ
ولــــــــــو رأيــــــــــتَ بـــكـــاهُــــم عـــــنـــــدَ بــيــعـــهـــمُلـــهـــالـــكَ الأمــــــــــرُ واســتــهـــوتـــكَ أحــــــــــزانُ
يــــــــــا ربَّ أمّ وطـــــفــــــلٍ حـــــيــــــلَ بــيــنــهــمـــاكــــــــــــمــــــــــــا تــــــــــــفــــــــــــرقَ أرواحٌ وأبــــــــــــــــــــــــدانُ
وطفلةً مثل حسـنِ الشمـسِ إذ طلعـتكــــأنـــــمـــــا هــــــــــــــي يـــــــاقــــــــوتٌ ومـــــــرجــــــــانُ
يـــقــــودُهــــا الـــعــــلــــجُ لـــلـــمـــكـــروه مــــكــــرهــــةًوالــــعــــيـــــنُ بــــاكــــيـــــةُ والــــقــــلـــــبُ حــــــيـــــــرانُ
لـمــثــل هـــــذا يـبــكــي الــقــلــبُ مــــــن كـــمـــدٍإن كـــــان فـــــي الـقــلــبِ إســـــلامٌ وإيـــمـــانُ


ليست هناك تعليقات: